السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بسم الله الرحمن الرحيم..
كتبت منذ يومين على موقع تويتر أني قد قمت بعمل تمرين بسيط وهو أني سألت نفسي بعد التمعن في الثلاثة عشر عاما الماضية (ما هي الأعوام-الفترات السعيدة والأعوام الحزينة؟ ما هي الفترات التي زدت فيها وما هي الأعوام التي نقصت فيها) وكانت الإجابة أني في الأعوام الصعبة والتي كنت أكافح فيها سواء كفاحا ميدانيا أو عمليا أو أكاديميا أو حياتيا فكانت أعواما ثرية وسعيدة بمعنى أنها حقا هي الأعوام التي شكلت شخصيتي ووجداني أما الأعوام التي كنت أعيش فيها أتقاضى أجرا ثابتا آخر كل شهر والشهر يتلوه الشهر والأيام تمر فعلى الرغم من أنها تظهر وكأنها الأفضل بسبب وجود عامل الأمان والراحة إلا أني (وبمنتهى التجرد والإنصاف) لم أجدها الأعوام السعيدة بل كانت مرتبطة دائما بخيبات الأمل (بالأخص في العمل) بل وخرجت منها عدة مرات بارتفاع الضغط بسبب مواقف في العمل مع مديرين غير كفؤ ومرة بالقولون العصبي وأنا لازلت في المنتصف الأول من العشرينيات بسبب العمل المتواصل حتى منتصف الليل وأحيانا كنا نعمل أيام الأجازة ومرة طُلب منا أن نأتي في عيد الفطر بعد الصلاة وعندما أظهرنا اعتراضاً كان رد الفعل عنيفا ونحمد الله أننا لم نحضر العيد ولكن ما أعلمه حقا أنه لو كانت الإدارة قد قررت ذلك كنا سنأتي جميعا خاضعين! مع العلم أن هذا العمل كان الدفع فيه بالدولار وينزل المرتب يوم ٢٦ في الشهر قبل غالبية مرتبات الشعب المصري. ولكن كانت أياما صعبة نفسيا وصحيا وكنت منفصلا اجتماعيا ومائعا دينيا بسبب جو الشركة.
لكني تفاجأت عندما كتبت هذه الملحوظة على تويتر أن بعض الأصدقاء قد استاء وأحدهم سخر وهم لا يعرفون شيئا عن ما خلّفته هذه الفترة وما الذي أقوم به في حياتي بعيدا عن السلك الوظيفي التقليدي الذي بكل تأكيد تمنيته يوما ولكن لم أجد ضالتي فيه، لا راحة نفسية ولا سلامة صحية ولا حتى حياة موظفين الحكومة.
ولكن كان يمكن لإخواني بقليل من الإستفهام أو قليل من (تركه ما لا يعنيه) أن يخففوا من وطأة الحياة على العبد لله أفضل من السخرية من تجربته والتي لم ينتهجها هو فقط بل انتهجها غالبية أبناء تخصصه من الأولين والذين درسناهم في الكلية وهم من يشكلون ثقافة القرنين العشرين والواحد والعشرين بعمارتهم والتي إذا سافرت إلى الخارج فحتما ستمر في أو بجانب مبنى لهم ويكفينا في الوطن العربي أن من يشكل لنا عمارتنا الآن هم من غير بني جلدتنا، ومتحف القاهرة ومكتبة الإسكندرية ومدينة العلوم كلها مشاريع عالمية في مصر وقد تم تصميمها بعقول أجنبية.
فهل سأكون مثلهم يوما ما؟ على الأقل أنا أحاول قدر إمكانياتي وقدر اجتهادي وأستخير وأستشير ولا أضيع فرصاً ولم أتكبر يوما على وظيفة ولكنها الأقدار والتي لا يفهمها الكثير إلا إذا تنازلوا وسألوني بدلا من السخرية التي تجري في دم الشعب المصري.
سؤال آخر يُسأل بسخرية: هل رجوعي إلى مصر بعد الماجيستير كان خطأً؟ يقيني أنه لم يكن خطأً ولأسباب كثيرة ليس المجال لسردها هنا..
أريد أن أعطي مثالا بسيطا على ما أفعله بدون دخول في تفاصيل، كلنا يتذكر مصر في عهد مبارك، كانت بالفعل أفضل من الآن، فهل أخطأنا عندما قمنا بالثورة ؟ من يدعي أننا أخطأنا فهو بالفعل مخطئ، وليس معنى أننا لم نصل أننا نسير في الإتجاه الخاطئ وحتى لو متنا على الطريق فيكفينا ويعذرنا أمام الله تعالى طالما أخلصنا النية وحددنا الهدف وأحسنّا التخطيط.
الكتابة في هذا التوقيت هو أمر محرج جدا لأني بمنتهى البساطة مُعرض للفشل في أي لحظة، ولذلك كان من الأفضل الإنتظار حتى رؤية النتيجة ثم أتكلم، ولكن أنا هنا لا أدافع عن نفسي بل عن طريقة تفكير وإيمان ويقين وعمل من أجل هدف يقابل به الإنسان ربه حتى وإن مات ولم يحصد وهو مثل نزول أحدنا الميادين وهو مؤمن بالفكرة ومتوكل على الله ولا يبالي بالدماء والمعاناة ويسأل الله السلامة والمعافاة والنصر في آن واحد.
"وأخرى تُحبونها"
بسم الله الرحمن الرحيم..
كتبت منذ يومين على موقع تويتر أني قد قمت بعمل تمرين بسيط وهو أني سألت نفسي بعد التمعن في الثلاثة عشر عاما الماضية (ما هي الأعوام-الفترات السعيدة والأعوام الحزينة؟ ما هي الفترات التي زدت فيها وما هي الأعوام التي نقصت فيها) وكانت الإجابة أني في الأعوام الصعبة والتي كنت أكافح فيها سواء كفاحا ميدانيا أو عمليا أو أكاديميا أو حياتيا فكانت أعواما ثرية وسعيدة بمعنى أنها حقا هي الأعوام التي شكلت شخصيتي ووجداني أما الأعوام التي كنت أعيش فيها أتقاضى أجرا ثابتا آخر كل شهر والشهر يتلوه الشهر والأيام تمر فعلى الرغم من أنها تظهر وكأنها الأفضل بسبب وجود عامل الأمان والراحة إلا أني (وبمنتهى التجرد والإنصاف) لم أجدها الأعوام السعيدة بل كانت مرتبطة دائما بخيبات الأمل (بالأخص في العمل) بل وخرجت منها عدة مرات بارتفاع الضغط بسبب مواقف في العمل مع مديرين غير كفؤ ومرة بالقولون العصبي وأنا لازلت في المنتصف الأول من العشرينيات بسبب العمل المتواصل حتى منتصف الليل وأحيانا كنا نعمل أيام الأجازة ومرة طُلب منا أن نأتي في عيد الفطر بعد الصلاة وعندما أظهرنا اعتراضاً كان رد الفعل عنيفا ونحمد الله أننا لم نحضر العيد ولكن ما أعلمه حقا أنه لو كانت الإدارة قد قررت ذلك كنا سنأتي جميعا خاضعين! مع العلم أن هذا العمل كان الدفع فيه بالدولار وينزل المرتب يوم ٢٦ في الشهر قبل غالبية مرتبات الشعب المصري. ولكن كانت أياما صعبة نفسيا وصحيا وكنت منفصلا اجتماعيا ومائعا دينيا بسبب جو الشركة.
لكني تفاجأت عندما كتبت هذه الملحوظة على تويتر أن بعض الأصدقاء قد استاء وأحدهم سخر وهم لا يعرفون شيئا عن ما خلّفته هذه الفترة وما الذي أقوم به في حياتي بعيدا عن السلك الوظيفي التقليدي الذي بكل تأكيد تمنيته يوما ولكن لم أجد ضالتي فيه، لا راحة نفسية ولا سلامة صحية ولا حتى حياة موظفين الحكومة.
ولكن كان يمكن لإخواني بقليل من الإستفهام أو قليل من (تركه ما لا يعنيه) أن يخففوا من وطأة الحياة على العبد لله أفضل من السخرية من تجربته والتي لم ينتهجها هو فقط بل انتهجها غالبية أبناء تخصصه من الأولين والذين درسناهم في الكلية وهم من يشكلون ثقافة القرنين العشرين والواحد والعشرين بعمارتهم والتي إذا سافرت إلى الخارج فحتما ستمر في أو بجانب مبنى لهم ويكفينا في الوطن العربي أن من يشكل لنا عمارتنا الآن هم من غير بني جلدتنا، ومتحف القاهرة ومكتبة الإسكندرية ومدينة العلوم كلها مشاريع عالمية في مصر وقد تم تصميمها بعقول أجنبية.
فهل سأكون مثلهم يوما ما؟ على الأقل أنا أحاول قدر إمكانياتي وقدر اجتهادي وأستخير وأستشير ولا أضيع فرصاً ولم أتكبر يوما على وظيفة ولكنها الأقدار والتي لا يفهمها الكثير إلا إذا تنازلوا وسألوني بدلا من السخرية التي تجري في دم الشعب المصري.
سؤال آخر يُسأل بسخرية: هل رجوعي إلى مصر بعد الماجيستير كان خطأً؟ يقيني أنه لم يكن خطأً ولأسباب كثيرة ليس المجال لسردها هنا..
أريد أن أعطي مثالا بسيطا على ما أفعله بدون دخول في تفاصيل، كلنا يتذكر مصر في عهد مبارك، كانت بالفعل أفضل من الآن، فهل أخطأنا عندما قمنا بالثورة ؟ من يدعي أننا أخطأنا فهو بالفعل مخطئ، وليس معنى أننا لم نصل أننا نسير في الإتجاه الخاطئ وحتى لو متنا على الطريق فيكفينا ويعذرنا أمام الله تعالى طالما أخلصنا النية وحددنا الهدف وأحسنّا التخطيط.
الكتابة في هذا التوقيت هو أمر محرج جدا لأني بمنتهى البساطة مُعرض للفشل في أي لحظة، ولذلك كان من الأفضل الإنتظار حتى رؤية النتيجة ثم أتكلم، ولكن أنا هنا لا أدافع عن نفسي بل عن طريقة تفكير وإيمان ويقين وعمل من أجل هدف يقابل به الإنسان ربه حتى وإن مات ولم يحصد وهو مثل نزول أحدنا الميادين وهو مؤمن بالفكرة ومتوكل على الله ولا يبالي بالدماء والمعاناة ويسأل الله السلامة والمعافاة والنصر في آن واحد.
"وأخرى تُحبونها"
No comments:
Post a Comment