Monday, June 15, 2015

"من المؤمنين: رجال"

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} (الأحزاب: 23)

منذ فترة طويلة ونحن كشباب ينتمي للتيار الإسلامي ويدّعي حبه للدين وإقامة شرع الله، ونحن نعاني من حالة تيه، هذه الحالة تظهر في التناقض بين أفعالنا وما تُحدثنا به أنفسنا، ففي حين يعيش كل منا حياته العملية أو العلمية وينغمس فيها يأتي صوت مزعج ينادي بأعلى صوته "حيّ على الجهاد"، يتزايد هذا الصوت مع استشهاد شباب مثلنا وكانوا بيننا ومنهم من عرفناهم، ومنهم من قضى نحبه في مصر ومنهم خارج مصر، فعندما نسمع هذا الصوت تضيق الدنيا وتختنق الحياة حتى يهون الموت، وهل هو راحة ؟ إن كان راحة فأهلا به...
هذا ما أمر به شخصيا وسط هذا العالم المادي الدموي، عندي قناعة أن هذه الدائرة يدور فيها كل شاب رأى الموت أمامه ثم وجد أحبابه يختفون واحدا تلو الآخر، فبدأ يسأل نفسه: ما الفرق بيني وبينهم ؟ أين ذهبت رجولتي ومروئتي مما يحدث من انتهاكات للنساء والأطفال، إلى متى السكوت ! ثم ما يلبث أن يرجع للحياة من جديد حتى يصطدم بخبر استشهاد قريب/صديق...إلخ، فيعود لنفس الدائرة من جديد، هل أنا متخاذل، هل أنا خائن ؟ هل هذا مكاني ؟ هل أنا حقا أقف على ثغر أم أن هذا مجرد كلام نخدر به ضمائرنا النائمة ؟

ثم سمعنا مؤخرا خبر موت (أحمد الجبلي) وهو بالركن الأعلى ناحية اليسار بالصورة المرفقة، وكان خبر وفاته مختلفا عن كل من سمعنا عنهم سواء بالصورة أو من عشرات ومئات الشهداء... فهو مات في بيته بجانب زوجته وهو في سن السابع والعشرين، ولكن موته لا يقل تأثيرا عن أي ممن نحتسبهم عند الله شهداء، وذلك بسبب عدم تخلفه عن الحركة في الشارع عندما تطلب الأمر، ثم عندما رجع إلى الحياة كان سباقا لفعل الخيرات، فعرفه الجميع وأثّر في قلوب من عرفوه ومن لم يعرفوه.

وأنا أظن أن هنا تأتي إجابة لبعض الأسئلة المؤرقة، والتي تَسَبًّبَ عدم الرد عليها إلى حالة التيه المذكورة، والإجابة هي: كن لله دوما، ابحث عن دورك أيا كان وابذل كل ما في وسعك واتق الله حيثما كنت.
وأيضا مما لاحظته في كل من عرفتهم منهم ومن سيرة من لم أعرفهم أنهم كانوا "قليلي الكلام، كثيري العمل"، كانوا متسامحين، حتى مع المخالف والمتخاذل، لا وقت لديهم للسباب، لا طاقة للمشاحنات والتطرق لخلافات ومعارك فرعية فالطاقة أولى أن تُستهلك في عمل الخير، كانت رايتهم واضحة... لم يخجل أحد منهم من قضيته ولم يواري، هدفهم كان واضحا.. وبالتأكيد توجد في حياتهم أشياء لم نعرفها.

لا أدعي أنني قد عرفت الإجابة الآن ولكني أحاول أن أفهم، مع عدم وجود مرجعية واضحة، والصوت العالي هو السائد الآن، وكل يدعي الحكمة ومعرفة الحق المطلق..

وأنهي كلامي ببعض الآيات:

{قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}(التوبة: 24)

{وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ} (التوبة: 46)

{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (النساء: 100)

No comments: