عندما خطب مبارك خطابه الثاني الذي قطع قلوب الجميع ولمس عواطفهم لدرجة أن الفنان محمد فؤاد صرخ وبكى وفعل مثله الفنان أحمد بدير وبكت الإعلامية منى الشاذلي ومعتز الدمرداش ورجل الأعمال نجيب ساويرس ....وانهار مصطفى بكري وقال أن المعتصمين يجب أن يرجعوا بيوتهم فور هذا الخطاب لاستكمال الحياة الطبيعية !!
وانهار كثيرون من الثوار أنفسهم على الفيس بوك من أصدقائي ..منهم من نزل يوم ۲٥ يناير ومنهم من نزل يوم ۲۸ يناير
الغريب أن وسط كل ذلك كان هناك مشهد غريب حيث تجد الإعلامي المحترف والمحترم والمحبوب من قِبَل كثير من الثوار والإعلاميين والأدباء الثائرين الأستاذ يسري فودة يقول كلاما غريبا في تعليق له في برنامج, ماذا قال: إن كلمة مبارك "رشقت" في قلبه وفي قلوب كل الشعب المصري وأننا يجب أن نعطي مبارك "الفرصة" لكي ينفذ ما وعد به في الست شهور !! وأن أكثر ما يطمئنه ويعطيه الأمل هو وجود رجلين "وطنيين" مثل عمر سليمان وأحمد شفيق !!!!!!!
بعد كل هذه الفتن وبكل صراحة لم يثبت في هذه الفتنة على موقفه على ما أذكر إلا:
- د. محمد البرادعي ود. أيمن نور وبعض السياسيين لا أذكرهم بالإسم
- الممثلة تيسير فهمي وشيريهان (التي قالت أنها لولا سرطان الدم لكانت تبرعت لمصابي الثورة بدمها - ربنا يشفيها ويعافيها) وبعض الرموز الفنية الذين لا أذكرهم بالإسم للأسف !!
- الإخوان
- قوى ثورية ولا أذكر أيا منها بالأخص لأني للأسف لم أكن متابعا لهذه الحركات آنذاك ولكن مؤكد حركة ٦ أبريل كانت في المقدمة.
- بعض النشطاء مثل نوارة نجم وأكيد لا أذكرهم جميعا لعدم تسليط الإعلام على الأشخاص مثل هذه الأيام
كنت من ضمن من تأثروا للحظات بل وفرحت لأنه سوف يرحل أخيرا بعد ست شهور ثم أفقت فورا عندما سمعت الإعادة مرة واحدة: "لم أكن أنتوي الترشح لفترة رئاسية مقبلة" !!!! ثم راجعت مشهد الثلاثين عام بوعود ووعود ولم تنفذ وأننا لا ينبغي أن نكون شعب وعود وعواطف وهذه الكلمة الماكرة خير دليل على فساد النوايا...."لم أكن أنتوي" كلمة في منتهى الميوعة السياسية ولا تلزمه بأي شيء....ثم تجده يسند قضايا طعن شرعية أعضاء مجلس الشعب لفتحي سرور وهو أصلا مطعون في شرعيته !!! كل هذا كلام فارغ لا يصدقه غير "الغلابة"
ولكن للأسف صدقه الكثير "الغلابة" بسبب العاطفة المفرطة لدى الكثيرين منا
ولكني لكي آخذ قرار النزول وسط كل هذا الإحباط ممن حولي سألت نفسي ثلاثة أسئلة:
١- ماذا سوف أقول لأكثر من ٥٠٠٠ مصاب منهم من فقد عينه ومنهم من فقد قدمه ومنهم من فقد يده وهم الآن ملقون في المستشفيات ومنهم حالات خطيرة ينتظرون الموت وفي العناية المركزة...كل هؤلاء ينتظرون منا خبر نجاح الثورة....هل سأقول لهم "روحت عشان الخطاب كان مؤثر عاطفيا" ؟
هل فقدوا أعينهم وأيديهم واقدامهم لكي ارحل في منتصف الطريق ؟
٢- هل قُتِل أكثر من ١٣٠٠ شهيد لكي ارحل الآن بسبب خطاب رومانسي من دكتاتور وطاغية ؟
٣- هل سأترك الإخوان ؟
وهنا لي وقفة.............لمَ بالأخص الإخوان ؟
كلنا يعلم أن الإخوان هم المقيمون الدائمون لمعتقلات مبارك ولكل فرد في الجماعة ملف في أمن الدولة باسمه وعنوانه وتاريخه وكل ما يخصه هو وعائلته, وإعتقالهم في أي وقت والحكم عليهم في المحاكم العسكرية بأي حكم هو أسهل ما يمكن وهم على عكس النشطاء اليساريين الذين إذا لُمِسوا يتم التهليل لهم من قِبَل منظمات حقوق الانسان في الداخل والخارج
وبالتالي أنا أعلم جيدا ان "الليلة دي لو انفضت ورَوَّحنا كلنا" أول من سيزج بهم في المعتقلات "وبمنتهى السهولة والسلاسة" هم الإخوان ولن يشعر بهم أحد....
إذا كنت لا تصدقني إسأل نفسك هل شعرت بأي مشكلة طوال حياتك بسبب اعتقال الإخوان و تعذيبهم ...لا !! الشعب شعر بالمشكلة عندما رأى انتهاكات الشرطة لعوام الشعب (أمثال خالد سعيد وسيد بلال وغيرهم رحمهم الله جميعا) لكن بالنسبة للإخوان فالشعب تعود على أنهم أعضاء المحظورة ومكانهم الطبيعي هو المعتقلات والسجون !! أليس كذلك ؟
والغريب والمثير للدهشة انك لم تجد وقتها من يقف مع الإخوان -من الشباب الذي يسب الإخوان هذه الأيام- من يقف في وجه مبارك ! اللهم إلا بعض النشطاء اليساريين وهذا السجل النضالي المشترك يحسب لهم أمام التاريخ وأمام الإخوان بالتأكيد !
وبالنسبة للبرادعي فأنا أعلم جيدا أنه يتمتع بحصانة دولية وجاء مصر وهو يعلم ذلك وهو نفسه قال ذلك من قبل في حوار أجراه معه أستاذ مجدي الجلاد، وبالتالي فلن يحدث له شيئا
من المؤكد أن أعضاء حركة ٦ أبريل كانوا سيكونون من ضمن هؤلاء الذين سوف يُسَلَّموا إلى المعتقلات سريعا ولكني أعلم جيدا من يقيم في السجون بالأعوام....وأعلم الحد الأقصى من الشهور تقريبا لأي ناشط سياسي بعد "الزن" المتواصل والضغط الداخلي والخارجي والذي لا يحدث مع الإخوان إطلاقا
هذا بغض النظر عن بعض ما قرأت من مقالات في جريدة الدستور ومقالات لدكتور صلاح سلطان والشيخ يوسف القرضاوي وصفحة كلنا خالد سعيد ولكن تلك هي محفزاتي الرئيسية
ولذلك نزلت
ليه بقى أنا كتبت التدوينة دي ؟
عشان أقول إن يسري فودة اللي قال إن أحمد شفيق وعمر سليمان وطنيين وطالب بإعطاء مبارك الفرصة ست شهور...ماحدش بيهاجمه بل لا زال يحتفظ باحترامه !!
عشان أقول إن ساويرس اللي عيط على مبارك....ينال احترام غالبية الليبراليين !!
عشان أقول إن اللي فضلوا ف الميدان واتبهدلوا في موقعة الجمل بعد ما بكي ساويرس وشهد فوده شهاداته العظيمة هم دلوقتي اللي بيتشتموا وبيتخونوا..!!!
أنا بقى لا عايز حد يخون يسري فودة ولا ساويرس بس أتمنى أن نشفى من مرض "التحيز الأعمى" الذي أصبنا به بعد الثورة