Monday, August 9, 2021

أين الخلل؟

شاهدت منذ فترة فيديو للشيخ محمد راتب النابلسي كان يسأل السؤال: أين الخلل؟ فنحن المسلمون أغلبنا يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويتصدق بماله على الفقير ويحج بيت الله الحرام ويعتمر ولا تنتشر الكبائر بيننا ولا يتم الجهر بها، فغالب الناس لا يسرق ولا يزني ولا يشرب الخمر ومن ابتلي بأي من الكبائر فيفعلها منفردا متستراً، إذن أين الخلل؟ ثم أجاب وقال أن الخلل الذي عند المسلمين هو الغيبة والنميمة والتي هي من حقوق العباد، فقد أعطى الناسُ حقَّ اللهِ تعالى من أركان الإسلام وتجنب الكبائر ولكنهم لم يعطوا العباد حقوقهم سواء بكف ألسنتهم عنهم في غيابهم أو إفساد ذات البين.

ومن هنا أود أن أتكلم عن نقطة أراها هامة جدا، فمثلا أحيانا تجد سيدة وقد صلت صلاة التهجد كاملةً بينما غيرها من مئات الآلاف بل والملايين من المسلمين نائمون عن هذه الصلاة أو لاهون في المقاهي أو أمام المسلسلات ولكنك تجدها بعد الصلاة وقبل الخروج من المسجد تسمع صوتها وهي تتشاجر مع سيدة أخرى! فما فائدة الصلاة إذن؟ وهذه ليست دعوة لعدم الصلاة ولكنها دعوة للتحلي بالصبر والأخلاق ولكنك تعلم وقتها أنه لا علاقة بحق الله وحق العباد.

وقد قابلت في حياتي من هم حريصون جدا على صلوات النوافل والأذكار ولكنهم في الخصام أشر من إبليس، فتجد السباب وهتك لما ائتُمِنَ عليه من أسرار وفُجر في الخصومة من غيبة ونميمة وإن لم يكن بشكل مباشر فبشكل غير مباشر عن طريق الكلام على وسائل التواصل الإجتماعي وما يسمى ب"تلقيح الكلام" حتى يفهم القاصي والدتني عما يتكلم، وكل ذلك عنده له تبريراته ودوافعه وأعذاره وأسبابه، أما تحكيم الشرع في النزاعات وهل ما يُفعل حرام أم حلال.. فلا!

هذا هو داؤنا، والمرعب في الأمر أن تعاهد العبادة ليس بالأمر السهل، فالحج والعمرة والصلاة والنوافل وقراءة القرآن والصيام والقيام كل ذلك ليس أمرا سهلا والمحافظة عليه ليس أمرا سهلا ولكن المرعب أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم أن من فعلت كل هذا ولكنها فقط كانت تؤذي جيرانها فهي في النار! هذا أمر مرعب حقا، لك أن تتخيل حياة هذه السيدة من صلاة وصيام وعبادات وصدقات وكيف كان يراها من حولها من تقوى وتقرب إلى الله وهي في النار قولا واحدا! يا الله...

حديث آخر يقول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما طلب منه رجل أن ينصحه بنصيحة واحدة: لا تغضب ويكرر الرجل الطلب فيكرر الرسول صلى الله عليه وسلم الجواب!

وأيضا حديث آخر خلال الصيام أن إذا سابّك أحدأو شاتمك أو قاتلك فلتقل "إني إمرؤ صائم" ... يالهذا الموقف، تخيل معي شخصا يسُبك أو يريد أن يقاتلك، أو يشتمك....وأنت تترك الرد عليه وتقول له أنا صائم، هو في هذه اللحظة سيشعر بنشوة النصر عليك وسيراك ضعيفا وسترى نفسك وقتها ضعيفا وقد تركت حقك وسيفور الدم داخلك وستفكر مائة مرة للرجوع وقول ولو كلمة... ولكن المطلوب منك هو السكوت...هذه بالطبع موقف صعب..

وقد سمعت من قبل من أحد العلماء أن الأفضل عامةً أن تترك حقك إذا جار عليك أحد وظننت أنك إن أخذت حقك فمن المحتمل أن تأخذ فوق حقك، فالأفضل وقتها أن تترك أمرك لله وهو يأخذ لك حقك أو مثلا حين يكون أخذ حقك هو تدني لنفس مستوى المؤذي، فوقتها لن تقوى على تدنيه وإن تدنيت فسيأخذك لمستوى آخر من التدني.

الأمر صعب، وهو ما لا نقرأ عنه وما لا نعرفه، فتجد المساجد ممتلئة ولكن المظالم قائمة، وكأن العبادات مخدر لما اقترفناه في حق بعضنا البعض.

وهنا أخي/أختي الفضلاء نعرف أن حياتنا تنقسم قسمين قسم بيننا وبين الله وقسم بيننا وبين العباد، فإذا أردنا أن نعرف حقيقة أمرنا فلننظر أنفسنا من العباد من حيث العلاقات والغيبة والنميمة والقطيعة والحقد والغل وكلٌ أدرى بنفسه وأمراضها..

"ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا"

نسأل الله العافية.

شخصية الرجل المسلم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بسم الله الرحمن الرحيم،

نجد فصلا واضحا بين المدني والعسكري وبين العامل والعالِم حتى وصلنا إلى أحزاب من الناس أزعم أنها أضرت أكثر مما نفعت، وأصبحت شكلا معروفا لا يحيد عنه إلا ندرة قليلة، وبالتالي نحتاج أن نفهم ما وصلنا إليه ثم أن نفهم كيف كان المسلمون خلال الفترة النبوية وماذا يجب علينا أن نفعل كأفراد في هذا العصر.

في البداية دعنا نعطي بعض التعريفات عن ما هو المدني والعسكري والعامل والعالِم:

المدني: هو شخص ليست لديه معلومات عسكرية أو حتى يستطيع أن يمسك السلاح وغالبا ما يعاني من كثير من أمراض المفاصل نتيجة للعمل الشاق طوال العام والعمل المكتبي والعادات الخاطئة نتيجة لظروف عمله.

العسكري: هو شخص غالبا لم يكن متفوقا أو حتى عنده أدنى شغف بالعلم وبالتالي هو يجيد فن القتال وحمل السلاح وهو أكثر لياقة من النوع الأول ولكنه أقل علما بالتأكيد.

العامل: هو الشخص الأول والثاني بغض النظر كونه مدنيا أو عسكريا ولكنه لا يمتلك من ضروريات العلم الشرعي أي شيء ما يجعله جاهلا بأمور دنياه تباعاً كفقه معاملات وشراء وبيع وزواج وما إلى ذلك.

العالِم: هو شخص لا هو هذا ولا ذاك، بل هو شخص منطوٍ على نفسه منكبٌ على كتبه، بتكلم ببلاغة صعبة على العوام فهمها ويعلم أكثر من العلم الضروري الذي يحتاجه العوام.

ما حدث أن المدني أصبح تلقائيا أغنى ولو نسبيا من العالِم الذي يُرى على أنه غير مفيد لأنه لا يمتلك حرفة بل أصبح العلم نفسه حرفة، فتجده يعمل (إمام مسجد)! هل إمامة المسجد للصلوات الخمس وإلقاء درس منتصف الأسبوع ثم خطبة الجمعة تحتاج أن تكون مهنة براتب شهري؟! ولكن عموما أيا كان الرد ففي النهاية لدى هذا الصنف من الناس الحظ القليل من الكسب إلا أن يشتهر وتعرفه الفضائيات.

وما حدث أن المدني أصبح جاهلا بعلوم دينه ولو حتى بقواعد اللغة العربية البدائية وأحكام التلاوة وأبسط قواعد الفقه التي يحتاجها في حياته اليومية فتجده إذا غاب الإمام فتقدم للصلاة لا يقرأ القرآن بأحكامه، وفي تعاملاته تجد كثيرا من التجاوزات الشرعية كوضع أمواله في بنوك ربوية أو عمله لمهنة بها شبهة...إلخ، وهو بذلك قد تفوق على العالِم في العلم الدنيوي وحظه من الكسب، ولكنه خسر دينه، فلا يبارك الله له في دنياه تباعاً وتجده غالبا ما يعاني من الإكتئاب والأمراض والضغط العملي وعدم الراحة حتى أنفاسه الأخيرة.

أما العسكري فهو تفوق على كل هؤلاء بالسلطة النابعة من القوة، فهو الوحيد الذي لديه القدرة على الحماية والردع والهجوم أيضا، ولا يخفى على أحد أن القوة تعطي صاحبها ثقة بالنفس حتى أنه كثيرا ما يرى نفسه فوق العلماء والمحترفين، لأن قوته تجعله يظن أنه لولا رحمته بهم لقتلهم جميعا أو سجنهم أو أخافهم، فليحمدوا ربهم أنه تركهم يَحْيَوْن! فتجده من منطلق هذا الشعور لا يبذل مجهودا لا في أمر دينه ولا دنياه، فهو له الحق أن يأخذ أموالهم نظير حمايته لهم، وإلا فليذهبوا هم لحماية أنفسهم!

ومع نقص كل حزب فيهم لمقومات وإمتيازات الآخر فأصبح المجتمع متشرذماً يكره بعضه بعضا، فالعسكري يحتقر العالم والعامل، والعامل يحتقر العسكري والعالم يراهما في ضلال، فالعسكري أصبح فاسداً، ويضع يده بيد الأعداء والأسباب غير معروفة لأنك أيها المدني سواء عالما كنتَ أو عاملا، فأنت لا تفهم ولن تفهم، والقيادة هي من تعرف كل شيء. وهكذا.

إذن ما هي شخصية الرجل المسلم؟

من وجهة نظري، الرجل المسلم يجب أن يكون خليطا من الثلاثة أنواع، فمثلا إذا نظرنا إلى الدولة الصهيونية، فتجد أن الطفل منذ الطفولة يتعلم أمور دينه وأيضا فنون القتال ثم أيا كان الكلية التي يلتحق بها فالتجنيد إجباري، والتجنيد هناك ليس كتجنيدنا هنا في مصر، بل هو تجنيد حقيقي وتمرينات حقيقية بالرصاص الحي ودراسة حقيقية.
فتجد الشاب الصهيوني خليطا من الثلاث شخصيات فهو عالِم (ضال بالتأكيد)، وهو عامل ومحترف، وهو جندي محارب.

وتجد أيضا في فلسطين من يقاوم المحتل ويعلم كيف يحمل السلاح وفي نفس الوقت هو مهندس أو طبيب أو محاسب...إلخ وفي نفس الوقت تجده عالما بأساسيات دينه وإذا صلى بالناس تجده قارئا لكتاب الله وإذا خطب تجده خطيباً مفوهاً.


فأسأل الله تعالى أن يرزقنا هذه الشخصية وإن كنا قد شُوهنا فلا يأس طالما نحن أحياء نُرزق.

ساندوتش زبدة وسكر

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

غيرت اسم مدونتي أخيرا بعد مدة زمنية طويلة من إنشائها عام ٢٠٠٨، فقد سألت نفسي لِمَ لا أغير اسمها القديم (علي فهمي) لاسم آخر كباقي المدونين؟!
ولكني لم أجد بديلا، ومؤخرا وجدت هذا الاسم وحكايته أني في الصف الأول أو الثاني الابتدائي كان يجلس بجانبي ولد وكان يأتي الفصل بساندوتشات زبدة وسكر، وعندما أظهرت تعجبي من هذا الاختراع فأعطاني قطعة وكان طعمها لذيذا جدا مما جعلني أخبر أمي وقتذاك عن هذه الأكلة اللذيذة فقالت لي "لا تاخذ منه وأنا سوف أقوم بعمل لك ساندوتشاً مثله" ومنذ ذلك اليوم وأصبحت أنا أيضا أحضر المدرسة ساندوتشات زبدة وسكر....

طفولة بسيطة وطلبات بسيطة وسعادة بريئة....