Monday, August 9, 2021

شخصية الرجل المسلم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بسم الله الرحمن الرحيم،

نجد فصلا واضحا بين المدني والعسكري وبين العامل والعالِم حتى وصلنا إلى أحزاب من الناس أزعم أنها أضرت أكثر مما نفعت، وأصبحت شكلا معروفا لا يحيد عنه إلا ندرة قليلة، وبالتالي نحتاج أن نفهم ما وصلنا إليه ثم أن نفهم كيف كان المسلمون خلال الفترة النبوية وماذا يجب علينا أن نفعل كأفراد في هذا العصر.

في البداية دعنا نعطي بعض التعريفات عن ما هو المدني والعسكري والعامل والعالِم:

المدني: هو شخص ليست لديه معلومات عسكرية أو حتى يستطيع أن يمسك السلاح وغالبا ما يعاني من كثير من أمراض المفاصل نتيجة للعمل الشاق طوال العام والعمل المكتبي والعادات الخاطئة نتيجة لظروف عمله.

العسكري: هو شخص غالبا لم يكن متفوقا أو حتى عنده أدنى شغف بالعلم وبالتالي هو يجيد فن القتال وحمل السلاح وهو أكثر لياقة من النوع الأول ولكنه أقل علما بالتأكيد.

العامل: هو الشخص الأول والثاني بغض النظر كونه مدنيا أو عسكريا ولكنه لا يمتلك من ضروريات العلم الشرعي أي شيء ما يجعله جاهلا بأمور دنياه تباعاً كفقه معاملات وشراء وبيع وزواج وما إلى ذلك.

العالِم: هو شخص لا هو هذا ولا ذاك، بل هو شخص منطوٍ على نفسه منكبٌ على كتبه، بتكلم ببلاغة صعبة على العوام فهمها ويعلم أكثر من العلم الضروري الذي يحتاجه العوام.

ما حدث أن المدني أصبح تلقائيا أغنى ولو نسبيا من العالِم الذي يُرى على أنه غير مفيد لأنه لا يمتلك حرفة بل أصبح العلم نفسه حرفة، فتجده يعمل (إمام مسجد)! هل إمامة المسجد للصلوات الخمس وإلقاء درس منتصف الأسبوع ثم خطبة الجمعة تحتاج أن تكون مهنة براتب شهري؟! ولكن عموما أيا كان الرد ففي النهاية لدى هذا الصنف من الناس الحظ القليل من الكسب إلا أن يشتهر وتعرفه الفضائيات.

وما حدث أن المدني أصبح جاهلا بعلوم دينه ولو حتى بقواعد اللغة العربية البدائية وأحكام التلاوة وأبسط قواعد الفقه التي يحتاجها في حياته اليومية فتجده إذا غاب الإمام فتقدم للصلاة لا يقرأ القرآن بأحكامه، وفي تعاملاته تجد كثيرا من التجاوزات الشرعية كوضع أمواله في بنوك ربوية أو عمله لمهنة بها شبهة...إلخ، وهو بذلك قد تفوق على العالِم في العلم الدنيوي وحظه من الكسب، ولكنه خسر دينه، فلا يبارك الله له في دنياه تباعاً وتجده غالبا ما يعاني من الإكتئاب والأمراض والضغط العملي وعدم الراحة حتى أنفاسه الأخيرة.

أما العسكري فهو تفوق على كل هؤلاء بالسلطة النابعة من القوة، فهو الوحيد الذي لديه القدرة على الحماية والردع والهجوم أيضا، ولا يخفى على أحد أن القوة تعطي صاحبها ثقة بالنفس حتى أنه كثيرا ما يرى نفسه فوق العلماء والمحترفين، لأن قوته تجعله يظن أنه لولا رحمته بهم لقتلهم جميعا أو سجنهم أو أخافهم، فليحمدوا ربهم أنه تركهم يَحْيَوْن! فتجده من منطلق هذا الشعور لا يبذل مجهودا لا في أمر دينه ولا دنياه، فهو له الحق أن يأخذ أموالهم نظير حمايته لهم، وإلا فليذهبوا هم لحماية أنفسهم!

ومع نقص كل حزب فيهم لمقومات وإمتيازات الآخر فأصبح المجتمع متشرذماً يكره بعضه بعضا، فالعسكري يحتقر العالم والعامل، والعامل يحتقر العسكري والعالم يراهما في ضلال، فالعسكري أصبح فاسداً، ويضع يده بيد الأعداء والأسباب غير معروفة لأنك أيها المدني سواء عالما كنتَ أو عاملا، فأنت لا تفهم ولن تفهم، والقيادة هي من تعرف كل شيء. وهكذا.

إذن ما هي شخصية الرجل المسلم؟

من وجهة نظري، الرجل المسلم يجب أن يكون خليطا من الثلاثة أنواع، فمثلا إذا نظرنا إلى الدولة الصهيونية، فتجد أن الطفل منذ الطفولة يتعلم أمور دينه وأيضا فنون القتال ثم أيا كان الكلية التي يلتحق بها فالتجنيد إجباري، والتجنيد هناك ليس كتجنيدنا هنا في مصر، بل هو تجنيد حقيقي وتمرينات حقيقية بالرصاص الحي ودراسة حقيقية.
فتجد الشاب الصهيوني خليطا من الثلاث شخصيات فهو عالِم (ضال بالتأكيد)، وهو عامل ومحترف، وهو جندي محارب.

وتجد أيضا في فلسطين من يقاوم المحتل ويعلم كيف يحمل السلاح وفي نفس الوقت هو مهندس أو طبيب أو محاسب...إلخ وفي نفس الوقت تجده عالما بأساسيات دينه وإذا صلى بالناس تجده قارئا لكتاب الله وإذا خطب تجده خطيباً مفوهاً.


فأسأل الله تعالى أن يرزقنا هذه الشخصية وإن كنا قد شُوهنا فلا يأس طالما نحن أحياء نُرزق.

No comments: