Monday, January 27, 2014

عن الخيار المسلح

منذ فترة ليست بالقليلة ونحن نسمع الدعاوى المتتالية لنبذ السلمية وانتهاج المسار المسلح بما أن بناتنا ينتهك عرضها في وضوح النهار، ونُقتل كالنمل في الشوارع في كل مسيرة...

أنا شخصيا أؤمن بالجهاد في سبيل الله بكل أشكاله، وهو أولا جهاد الكلمة (وجاهدهم به جهادا كبيرا) وجهاد الدفع ثم الدعوة وحماية المستضعفين وما إلى ذلك من أشكال الجهاد...ولكن متى وكيف ؟ ومن يحدد الوقت والكيفية ؟

نعلم أن الجماعة الوحيدة المنظمة في مصر هي جماعة الإخوان المسلمين، وغيرها من الحركات والجماعات تعد أفرادا متناثرة غير منظمة وغير متكتلة، غير أن من عندهم الدعاة الذين لديهم العلم ومن ثم حق الإفتاء باستخدام السلاح أم لا هم أيضا الإخوان المسلمون، غير أني شخصيا أؤمن أن المفتي باستخدام السلاح يجب أن يكون هو شخصيا في الصفوف الأولى، كالعالم الجليل الشيخ أحمد ياسين والشيخ المجاهد نزار ريان وقبلهما الشيخ المجاهد عبدالله عزام وقبلهم الشيخ المجاهد عمر المختار وقبلهم وقبلهم محمد الفاتح بشيخه ومربيه آق شمس الدين وأيضا الأمير القطز وشيخه ومربيه العز بن عبدالسلام وغيرهم وقبلهم الكثير من التابعين وتابعي التابعين والصحابة انتهاء بالرسول صلى الله عليه وسلم، كل هؤلاء لم يتركوا المجاهدين شبرا ولا لحظة..

إذاً من يفتي بالجهاد المسلح يجب أن يكون (من وجهة نظري) في الصفوف الأولى يرى ما يراه المجاهدون وليس بعيدا عن الأرض يتألم مما يتألمون منه ويرى ما يرونه..

ثم نأتي للنقطة الثانية، ألا وهي تبعات إستخدام السلاح بشكل فردي بدون الإعتماد على هذه التركيبة المعقدة (جماعة منظمة + علماء/عالم رباني في أرض الميدان) .. دعونا ندقق النظر في تبعات هذا الاختيار وما الذي حدث في الدول المجاورة إثر انتهاج هذا النهج ..

أولا ليبيا، يقول الكثيرون أن ليبيا تخلصت من معمر القذافي وثكناته وامبراطوريته وهذا بفضل نبذ السلمية...ولكن دعونا ننظر إلى الحدث من وجهة نظر أخرى من حيث الأحداث والنتائج...
ليبيا أسقطت معمر القذافي بعد ثمانية أشهر وكان مختبئا داخل أنبوبة مجاري في الصحراء...عظيم جدا....لم يكن لديهم شيبخ مجاهد ولا جماعة منظمة....عظيم جدا، ولكن لا تنس أن طائرات الناتو كانت تحلق في السماء الليبية تساعد المجاهدين ولو رمزيا وأمدتهم بالسلاح ولو رمزيا، وسقط النظام...وتعالوا لنرى النتيجة..... ثلاثون ألف شهيد، نساء رملت، أطفال يتمت وشردت، تم عمل جرائم وانتهاكات للأعراض خلال الثمانية أشهر ولم يمنع المجاهدون ذلك بالسلاح في لحظة، بل بعد فترات وفترات بعد السيطرة على مدينة تلو المدينة والمنطقة تلو المنطقة وخلال كل ذلك تُرتكب من المذابح والانتهاكات الكثير والكثير .. ولم يوقف السلاح شيئا إلا بعد الثمانية أشهر...هذا من الناحية الإنسانية..
أما من الناحية الأمنية فيوجد مشكلة بل مصيبة ألا وهي كَم السلاح الغير مرخص المنتشر الآن في ليبيا وهذا بسبب انتشار السلاح بشكل غير منظم وعلى يد أفراد وبغير وازع ديني بالكلية فلا يؤتمن بعد ذلك على هذا السلاح الذي يمتلكه..
أما من الناحية السياسية فتدخل قوات حلف شمال الأطلسي كما نعلم جميعا أن خروجها لن يكون بالأمر السهل وله ثمن بل أثمان استراتيجية وسياسية.

هذه ليبيا

أما سوريا، فسوريا الآن في عامها الثالث، وقد انتهجت النهج المسلح، فهل توقفت انتهاكات الحرمات والقتل ؟ أم تتم بشكل متواز مع الدفاع المضاد ؟

الكلام سهل والتنفيذ لا يتحمل تبعاته إلا من رحم ربي

هذا اجتهادي وقابل للنقاش